الإمام الرباني
الـــمـــوطـــن : سورية عدد المساهمات : 173 نقاط : 517
| موضوع: اختلاف الروايات الإثنين 17 ديسمبر 2012, 8:22 am | |
| اختلاف الروايات ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ السر في اختلاف الروايات هو اختلاف السائلين بحسب الاستعدادات ، فكان يخاطب كل إنسان بما يليق بقابليته لأنه حكيم الأرواح وطبيب القلوب وشفاء الصدور . وما زال ذلك الصدور بالتعليم حتى مدة حياته البرزخية إلى يوم البعث ، مناماً ، أو إلهاماً إلى عامة الأمة ، ويقظة إلى الخاصة الكملة ، ومن ذلك تعليم علم الأسرار الربانية ، التي لم يؤمر بتبليغها حال حياته الدنيوية ، لحكمة عموم الرسالة ونشأة الإسلام بحد الحسام حتى تنتشر أعلام الدين ، في سائر بقاع المسكونة ، إذ لو بث السر في ذلك الوقت على ملأ الجهر ، لهام الكل في الكل ، وضاع الجل من الجل ، ولذا لم يتكلم أحد من الصحابة عليهم الرضوان بمثل ما تكلم به الشيخ الأكبر وأهل هذا الشأن . ولقد كان الواحد منهم بمكان من العرفان ، كما يشهد له حديث الصحيحين من قول أبي هريرة رضي الله عنه : أخذت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائين ... الحديث . وما زال هذا الحكم سارياً على كملة الأمة ، القريب عهدهم بهم من نحو الأئمة حتى قوى عضد الدين ، وانتشرت أعلامه في العالمين ، فأفاض على من بعدهم كل بحسب استعداده وأمر بتدوينه وإيداعه طيّ عبارات وإشارات لا تفهم إلا للخواص . فالفرقة الأولى منهم القريبة عهداً من القرون الأولى خير القرون أودعت تلك الأسرار طي إشارات في ظواهر محاورات لها تعلق بالدين ، لعموم المسلمين كالإمام حجة الإسلام الغزالي ومشايخه . وفرقة أعلنت على صفحات الشهود ، بالتآليف في وحدة الوجود ، كالشيخ الأكبر محيي الدين في فتوحاته والناس مع تآليفهم في خطر عظيم ، وهو في العقائد جسيم ، فمن كان على بينة من العقائد الدينية ، وقدم راسخ في السنة السنية وطول باع ، وكمال اطلاع في العلوم الإلهية مع معرفة اصطلاح السادة الصوفية ، جاز له أن يطلع عليها وإلا فلا يجوز أن ينظر إليها ولو بطرف خفي فإن النظر إلى وجه الأجنبية حرام بالإجماع . وفرقة أفيض عليها ولكن أرادت أن لا تحرم المحرم من أبناء تلك المعارف ، فأودعتها طي أشعار في نوع من الغزل ، ناحين بها نحو ضرب المثل مخافة أن يعرض لها من الجهال عارض ، وذلك كالإمام سلطان العاشقين ابن الفارض ، وهو لا يخلو أيضاً عن ضرر بالعامة إذ يظنون بتلك الحقيقة العالية ظن السوء بأنها نساء على الحقيقة فانيات ، وخمور من الخبائث المسكرات ، فيستعينون بغنائها على معاصيهم ، فيؤخذ بإقدامهم على ذلك بأقدامهم ونواصيهم . وفرقة عاقتهم العبارة ، وفارقتهم الإشارة فشطحوا وبطحوا ، وجرحوا فجرحوا ، وذبحوا بمدية الشرع ، وذهبوا من هذا العالم بلا نفع ، وكان على هذا المنهاج من قتل من أمثال الحلاج . وأجل هذه الفرق الأخيرة الفرقة التي أذن لها أن تودع تلك الأسرار في قوالب الأوراد والأحزاب والصلوات ليعم النفع ، ولا تمنع بالشرع ، ومن هؤلاء الأجلاء هذا القطب الذي جاءت صلواته في هذا المقام من أحسن الثناء والذكرى ____________________ المصدر: الشيخ محمد الخفناوي الهجرسي – الجوهر النفيس في صلوات ابن ادريس – ص 14 – 23 | |
|