بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على صاحب اللواء المحمود وعلى آله وصحبه
كان مما بدأ به سيدي القاضى الإمام الحافظ أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبى رحمة الله عليه أن حمد الله وأثنى عليه: الحمد لله المنفرد باسمه الأسمى، المختص بالعز الأحمى، الذى ليس دونه منتهى ولا وراءه مرمى، الظاهر لا تخيلا ولا وهما, والمعنى هنا أنه تعالى ليس في جهة وحيز، ولا على مسافة وامتداد لأن كل ذى جهة ومسافة للقرب منه نهاية، وليس للقرب منه تعالى نهاية، فليس في جهة، فهو من باب نفى الشئ بنفى لازمه (قوله ولا ورائه مرمى) قال ابن الأثير في النهاية: أي ليس بعد الله لطالب مطلب, ويردف حمده تعالى بمدح نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم فقد: بعث فيهم رسولا من أنفَس أنفسهم عربا وعجما، وأزكاهم محتدا ومنمى، وأرجحهم عقلا وحلما، وأوفرهم علما وفهما، وأقواهم يقينا وعزما، وأشدهم بهم رأفة ورحما، زكاه روحا وجسما, وبعد هذا ينتقل سيدي عياض إلى مخاطبة القارئ لكتابه فينبهه لقدر أولياء الله وقدر إمامهم صلوات الله وسلامه عليه وإلى صعوبة الكتابة في هذا: وما حكم من لم يوف واجب عظيم ذلك القدر، أو قصر في حق منصبه الجليل قلامة ظفر، وأن أجمع لك ما لأسلافنا وأئمتنا في ذلك من مقال، وأبينه بتنزيل صور وأمثال، فاعلم أكرمك الله أنك حملتني من ذلك أمرا إمرا، وأرهقتني فيما ندبتني إليه عسرا، وأرقيتني بما كلفتني مر تقى صعبا، ملأ قلى رعبا، فإن الكلام في ذلك يستدعى تقدير أصول، وتحرير فصول، والكشف عن غوامض ودقائق، من علم الحقائق، مما يجب للنبي ويضاف إليه، أو يمتنع أو يجوز عليه، ومعرفة النبي والرسول والرسالة والنبوة، والمحبة والخلة وخصائص هذه الدرجة العلية.
يختم سيدي القاضي عياض هذه البداية في تبيان دواعي تأليفه للكتاب وسرد مجمل ما عمل فيه متبعا في ذالك أقصى درجات التحري, آملا أن يكون هذا شفاعة له, ولا ينس سيدي القاضي أن يدعو في ختام بداية كتاب الشفاء: جبر الله تعالى صدع قلوبنا، وغفر عظيم ذنوبنا، وجعل جميع استعدادنا لمعادنا، وتوفر دواعينا فيما ينجينا ويقربنا إليه زلفى، ويحيطنا بمنه ورحمته. آمين [b]