نتابع
بعض ما جاء عن أئمة القرن الرابع، الخامس والسادس الهجري في التنزيه
القاضي أبو بكر الباقلاني ( ت 403 هـ)
قال القاضي أبو بكر محمد الباقلاني المالكي الأشعري "ولا نقول إن العرش له- أي الله- قرار ولا مكان، لأن الله تعالى كان ولا مكان، فلما خلق المكان لم يتغير عما كان" اهـ. ذكره في كتاب الانصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به ص/65.
وقال ايضا "ويجب أن يعلم أن كل ما يدل على الحدوث أو على سمة النقص فالرب تعالى يتقدس عنه، فمن ذلك: أنه تعالى متقدس عن الاختصاص بالجهات، والاتصاف بصفات المحدثات، وكذلك لا يوصف بالتحول والانتقال، ولا القيام ولا القعود، ولأن هذه الصفات تدل على الحدوث، والله تعالى يتقدس عن ذلك" اهـ. الانصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به ص/64.
أبو بكر إبن فورك الأشعري ( ت 406 هـ)
قال أبو بكر محمد بن الحسن المعروف بابن فورك الاشعري "لا يجوز على الله تعالى الحلول في الأماكن لاستحالة كونه محدودا ومتناهيا وذلك لاستحالة كونه محدثا" اهـ. ذكره في كتاب مشكل الحديث ص/ 57.
وقال ايضا "واعلم أنا إذا قلنا إن الله عز وجل فوق ما خلق لم يرجع به إلى فوقية المكان والارتفاع على الأمكنه بالمسافة والإشراف عليها بالمماسة لشىء منها" اهـ. مشكل الحديث ص/ 64.
أبو منصور البغدادي ( ت 429 هـ)
قال الشيخ الإمام أبو منصور البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق "وأجمعوا -أي أهل السنة والجماعة- على أنه -تعالى- لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان"
الحافظ البيهقي ( ت 458 هـ)
قال الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الشافعي "والذي روي في ءاخر هذا الحديث "أنت الظاهر فليس فوقك شىء، وأنت الباطن فليس دونك شىء" إشارة إلى نفي المكان عن الله تعالى، وأن العبد أينما كان فهو في القرب والبعد من الله تعالى سواء، وأنه الظاهر فيصح إدراكه بالأدلة، الباطن فلا يصح إدراكه بالكون في مكان. واستدل بعض أصحابنا في نفي المكان عنه بقول النبي (صلّى الله عليه و سلّم) "أنت الظاهر فليس فوقك شىء، وأنت الباطن فليس دونك شىء"، وإذا لم يكن فوقه شىء ولا دونه شىء لم يكن في مكان " اهـ. الأسماء والصفات ص/ 400.
وقال أيضا "أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: سمعت أبا محمد أحمد بن عبد الله المزني يقول: حديث النزول قد ثبت عن رسول الله (صلى الله عليه و سلّم) من وجوه صحيحة وورد في التنزيل ما يصدقه وهو (وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً)(الفجر/22) والنزول والمجيء صفتان منفيتان عن الله تعالى من طريق الحركة والانتقال من حال إلى حال, بل هما صفتان من صفات الله تعالى بلا تشبيه، جل الله تعالى عما تقول المعطلة لصفاته والمشبهة بها علوا كبيرا. قلت: وكان أبو سليمان الخطابي رحمه الله يقول: إنما ينكر هذا وما أشبهه من الحديث من يقيس الأمور في ذلك بما يشاهده من النزول الذي هو تدلٍّ من أعلى إلى أسفل وانتقال من فوق إلى تحت وهذه صفة الأجسام والأشباح، فأما نزول من لا تستولي عليه صفات الأجسام فإن هذه المعاني غير متوهمة فيه وإنما هو خبر عن قدرته ورأفته بعباده وعطفه عليهم واستجابته دعاءهم ومغفرته لهم يفعل ما يشاء لا يتوجه على صفاته كيفية ولا على أفعاله كمية سبحانه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير" اهـ. السنن الكبرى 3/ 3.
وقال أيضا "قال أبو سليمان الخطابي: وليس معنى قول المسلمين: إن الله استوى على العرش هو أنه مماس له أو متمكن فيه أو متحيز في جهة من جهاته، لكنه بائن من جميع خلقه، انما هو خبر جاء به التوقيف فقلنا به ونفينا عنه التكييف إذ ليس كمثله شيء" اهـ. الأسماء والصفات: باب ما جاء في العرش والكرسي ص/396- 397.
أبو القاسم القشيري ( ت 465 هـ)
وقال أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري "وهذه فصول تشتمل على بيان عقائدهم في مسائل التوحيد ذكرناها على وجه الترتيب. قال شيوخ هذه الطريقة على ما يدل عليه متفرقات كلامهم ومجموعاتها ومصنفاتهم في التوحيد: إن الحق سبحانه وتعالى موجود قديم لا يشبهه شىء من المخلوقات، ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، ولا صفاته أعراض، ولا يتصور في الأوهام، ولا يتقدر في العقول، ولا له جهة ولا مكان، ولا يجري عليه وقت وزمان" الرسالة القشيرية ص/ 7.
وقال في الصحيفة الخامسة من نفس الرسالة "سمعتُ الإمام أبا بكر ابن فورك رحمه الله تعالى يقول: سمعتُ أبا عثمان المغربي يقول: كنتُ أعتقدُ شيئًا من حديث الجهة، فلما قدِمتُ بغداد زال ذلك عن قلبي فكتبتُ إلى أصحابنا بمكة: إني أسلمتُ الآن إسلامًا جديدًا" اهـ.
الإمام أبو منصور الإسفراييني ( ت 471 هـ)
قال الإمام الكبير أبو منصور الإسفراييني "وأن تعلم أن الحركة والسكون والذهاب والمجيء والكون في المكان والاجتماع والافتراق والقرب والبعد من طريق المسافة والاتصال والانفصال والحجم والجرم والجثة والصورة والحيز والمقدار والنواحي والأقطار والجوانب والجهات كلها لا تجوز عليه تعالى لأن جميعها يوجب الحد والنهاية" ذكره في كتابه التبصير في الدين وفي بيان عقيدة أهل السنة والجماعة
وقال "وأن تعلم أن كل ما دل على حدوث شىء من الحد، والنهاية، والمكان، والجهة، والسكون، والحركة، فهو مستحيل عليه سبحانه وتعالى، لأن ما لا يكون محدثا لا يجوز عليه ما هو دليل على الحدوث" اهـ. التبصير في الدين ص/ 161.
الإمام الشيرازي ( ت 476 هـ)
قال الفقيه الإمام الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي الأشعري "وان استواءه ليس باستقرار ولا ملاصقة لأن الاستقرار والملاصقة صفة الأجسام المخلوقة، والرب عز وجل قديم أزلي، فدل على أنه كان ولا مكان ثم خلق المكان وهو على ما عليه كان" اهـ. أنظر عقيدة الشيرازي في مقدمة كتابه شرح اللمع 1/ 101.
إمام الحرمين الجويني ( ت 478 هـ)
قال الشيخ إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجُويني الشافعي "ومذهب أهل الحق قاطبة أن الله سبحانه وتعالى يتعالى عن التحيّز والتخصص بالجهات" اهـ.الإرشاد إلى قواطع الأدلة ص/ 58
وقال إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني الأشعري "البارىء سبحانه وتعالى قائم بنفسه، متعال عن الافتقار إلى محل يحله أو مكان يقله" اهـ. الإرشاد إلى قواطع الأدلة ص/ 53.
وقال أيضا "واعلموا أن مذهب أهل الحق: أن الرب سبحانه وتعالى يتقدس عن شغل حيز، ويتنزه عن الاختصاص بجهة. وذهبت المشبهة إلى أنه مختص بجهة فوق، ثم افترقت ءاراؤهم بعد الاتفاق منهم على إثبات الجهة، فصار غلاة المشبهة إلى أن الرب تعالى مماس للصفحة العليا من العرش وهو مماسه، وجوزوا عليه التحول والأنتقال وتبدل الجهات والحركات والسكنات، وقد حكينا جملا من فضائح مذهبهم فيما تقدم" اهـ. الشامل في أصول الدين ص/ 511.
الشيخ المتولي الشافعي ( ت 478 هـ)
قال الشيخ أبو سعيد المتولي الشافعي الأشعري في كتابه "الغُنية في أصول الدين" ص73-74-75 "والغرض من هذا الفصل نفي الحاجة إلى المحل والجهة خلافًا للكرّامية والحشوية والمشبهة الذين قالوا إن لله جهة فوق."
وقال "ثبت بالدليل أنه لا يجوز أن يوصف ذاته- تعالى- بالحوادث، ولأن الجوهر متحيز، والحق تعالى لا يجوز أن يكون متحيزا" اهـ. الغنية قي أصول الدين ص/83.
وقال "والدليل عليه أنه لو كان على العرش على ما زعموا لكان لا يخلو إما أن يكون مثل العرش أو أصغر منه أو أكبر وفي جميع ذلك إثبات التقدير والحد والنهاية وهو كفر" الغنية قي أصول الدين
ونقل الحافظ النووي عن الإمام المتولّي الشافعيّ قوله "أنَّ من وصف الله بالإتصال والإنفصال كان كافرا". روضة الطالبين المجلّد العاشر صحيفة 15.
يتبع ان شاء الله