نتابع
الصوفي الزاهد ذو النون المصري(ت 245 هـ)
وقال الصوفي الزاهد ذو النون المصري
"ربي تعالى فلا شىء يحيط به *** وهو المحيط بنا في كل مرتصد
لا الأين والحيث والتكييف يدركه *** ولا يـحـد بـمـقـدار ولا امـد
وكـيـف يـدركـه حـد ولـم تـره *** عين وليس له في المثل من أحد
أم كـيف يبلغه وهـم بلا شبه *** وقد تعالى عن الأشباه والولد" اهـ حلية الاولياء ترجمة ذي النون المصري 9/388
وسئل ذو النون عن معنى قوله تعالى "الرَّحمنُُ على العرش استوى" فقال "أثبت ذاته ونفى مكانه، فهو موجود بذاته والأشياء موجودة بحكمة كما شاء سبحانه" اهـ. الرسالة القشيرية ص/6
الإمام الطبري(ت 310 هـ)
قال الإمام الحافظ المجتهد أبو جعفر محمد بن جرير الطبري "القول في الدلالة على أن الله عز وجل القديم الأول قبل كل شىء، وأنه هو المحدث لكل شىء بقدرته تعالى ذكره فمن الدلالة على ذلك أنه لا شىء في العالم مشاهد إلا جسم أو قائم بجسم، وأنه لا جسم إلا مفترق أو مجتمع، وأنه لا مفترق منه إلا وهو موهوم فيه الائتلاف إلى غيره من أشكاله، ولا مجتمع منه إلا وهو موهوم فيه الافتراق، وأنه متى عدم أحدهما عدم الاخر معه، وأنه إذا اجتمع الجزءان منه بعد الافتراق، فمعلوم أن اجتماعهما حادث فيهما بعد أن لم يكن،. وأن الافتراق إذا حدث فيهما بعد الاجتماع فمعلوم أن الافتراق فيهما حادث بعد أن لم يكن. وإذا كان الأمر فيما في العالم من شىء كذلك، وكان حكم ما لم يشاهد وما هو من جنس ما شاهدنا في معنى جسم أو قائم بجسم، وكان ما لم يخل من الحدث لا شك أنه محدث بتأليف مؤلف له إن كان مجتمعا، وتفريق مفرق له إن كان مفترقا, وكان معلوما بذلك أن جامع ذلك إن كان مجتمعا، ومفرقه إن كان مفترقا من لا يشبهه ومن لا يجوز عليه الاجتماع والافتراق وهو الواحد القادر الجامع بين المختلفات الذي لا يشبهه شىء، وهو على كل شىء قدير. فبين بما وصفنا أن بارىء الأشياء ومحدثها كان قبل كل شىء [ أي وقبل الزمان والمكان وغيرهما من المخلوقات.] ، وأن الليل والنهار والزمان والساعات محدثات، وأن محدثها الذي يدبرها ويصرفها قبلها ، إذ كان من المحال أن يكون شىء يحدث شيئا إلا ومحدثه قبله، وأن في قوله تعالى ذكره (أفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ {17} وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ {18} وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ {19} وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْف سُطِحَتْ {20})(الغاشية)، لأبلغ الحجج وأدل الدلائل لمن فكر بعقل واعتبر بفهم على قدم بارئها، وحدوث كل ما جانسها، وأن لها خالقا لا يشبهها" اهـ.تاريخ الطبري (1/ 25).
ثم قال "فتبين إذا أن القديم بارىء الأشياء وصانعها هو الواحد الذي كان قبل كل شىء ، وهو الكائن بعد كل شىء، والأول قبل كل شىء، والآخر بعد كل شىء، وأنه كان ولا وقت ولا زمان ولا ليل ولا نهار، ولا ظلمة ولا نور ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا نجوم، وأن كل شىء سواه محدث مدبر مصنوع، انفرد بالخلق جميعه بغير شريك ولا معين ولا ظهير، سبحانه من قادر قاهر" اهـ. تاربخ الطبري (1/ 26).
وقال أيضا عند تفسير قول الله تعالى (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ) "لا شىء أقرب إلى شىء منه كما قال: "وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"" .جامع البيان (مجلد13/جزء 27/215).
اللغوي إبراهيم الزجاج (ت 311 هـ)
وقال اللغوي إبراهيم بن السري الزجاج أحد مشاهير اللغويين "العلي: هو فعيل في معنى فاعل، فالله تعالى عال على خلقه وهو عليٌّ عليهم بقدرته، ولا يجب أن يذهب بالعلو ارتفاع مكاني، إذ قد بينا أن ذلك لا يجوز في صفاته تقدست، ولا يجوز أن يكون على أن يتصور بذهن، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا" اهـ.تفسير اسماء الله الحسنى (ص/48).
وقال أيضا "والله تعالى عال على كل شىء، وليس المراد بالعلو: ارتفاع المحلِّ، لأن الله تعالى يجل عن المحل والمكان، وإنما العلو علو الشأن وارتفاع السلطان" اهـ.تفسير اسماء الله الحسنى (ص/ 60).
الإمام الطحاوي(ت 321 هـ)
وقال الإمام الحافظ الفقيه أبو جعفر أحمد بن سلامة الطحاوي الحنفي في رسالته (العقيدة الطحاوية) "وتعالى- أي الله- عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات" اهـ.
الإمام الأشعري(ت 324 هـ)
وقال إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه "كان الله ولا مكان فخلق العرش والكرسي ولم يحتج إلى مكان، وهو بعد خلق المكان كما كان قبل خلقه" اهـ أي بلا مكان ومن غير احتياج إلى العرش والكرسي. نقل ذلك عنه الحافظ ابن عساكر نقلا عن القاضي أبي المعالي الجويني. تبيين كذب المفتري (ص/ 150).
وقال أيضا "فأما الحركة والسكون والكلام فيهما فأصلهما موجود في القرءان وهما يدلان على التوحيد، وكذلك الاجتماع والافتراق، قال الله تعالى مخبرا عن خليله إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه –( لَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ) في قصة أفول الكوكب والشمس والقمر وتحريكها من مكان إلى مكان ما دل على أن ربه عز وجل لا يجوز عليه شىء من ذلك، وأن من جاز عليه الأفول والانتقال من مكان إلى مكان فليس بإله" اهـ. أنظر رسالته استحسان الخوض في علم الكلام (ص/ 45).
وقال الاشعري رضي الله عنه في كتابه النوادر "من إعتقد أن الله جسم فهو غير عارف بربه وإنه كافر به"
وقال رضي الله عنه "إن الله تعالى لا مكان له" نقلها عنه الحافظ البيهقي في الأسماء والصفات.
الإمام الماتوريدي(ت 333 هـ)
قال إمام أهل السنة أبو منصور الماتريدي رضي الله عنه "إن الله سبحانه كان ولا مكان، وجائز ارتفاع الأمكنة وبقاؤه على ما كان، فهو على ما كان، وكان على ما عليه الان، جل عن التغير والزوال والاستحالة" اهـ. يعني بالاستحالة التحول والتطور والتغير من حال إلى حال وهذا منفي عن الله ومستحيل عليه سبحانه وتعالى.كتاب التوحيد (ص/ 69).
وقال "فإن قيل: كيف يرى؟ قيل: بلا كيف، إذ الكيفية تكون لذي صورة، بل يرى بلا وصف قيام وقعود واتكاء وتعلق، واتصال وانفصال، ومقابلة ومدابرة، وقصير وطويل، ونور وظلمة، وساكن ومتحرك، ومماس ومباين، وخارج وداخل، ولا معنى يأخذه الوهم أو يقدره العقل لتعاليه عن ذلك" اهـ.كتاب التوحيد (ص/ 85).
وقال أيضا "وأما رفع الايدي إلى السماء فعلى العبادة، ولله أن يتعبد عباده بما شاء، ويوجههم إلى حيث شاء، وإن ظن من يظن أن رفع الأبصار إلى السماء لأن الله من ذلك الوجه إنما هو كظن من يزعم أنه إلى جهة أسفل الأرض بما يضع عليها وجهه متوجها في الصلاة ونحوها، وكظن من يزعم أنه في شرق الأرض وغربها بما يتوجه إلى ذلك في الصلاة، أو نحو مكة لخروجه إلى الحج، جل الله عن ذلك". كتاب التوحيد (ص/ 75- 76).
الحافظ إبن حبان (ت 354 هـ)
وقال الحافظ محمد بن حبان صاحب الصحيح المشهور بصحيح ابن حبان "الحمد لله الذي ليس له حد محدود فيحتوى، ولا له أجل معدود فيفنى، ولا يحيط به جوامع المكان ولا يشتمل عليه تواتر الزمان". الثقات (1/ 1)
وقال أيضا "كان- الله- ولا زمان ولا مكان" اهـ.صحيح ابن حبان، أنظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (8/ 4).
يتبع ان شاء الله