salimsalim3
الـــمـــوطـــن : الجزائر عدد المساهمات : 34 نقاط : 73
| موضوع: حديث الآحاد وحديث الجارية الإثنين 25 يوليو 2011, 11:05 pm | |
| بسم الله الرحمان الرحيم الجمد لله الدي جعل نبيه رحمة للعالمين وجعل شهر رمضان منحة للطائعين والصلاة والسلام على سيد الثقلين اللهم صل وسلم وبارك عليه. وبعد فهذا عرض جله اقتباس من بحث للأستاذ عبد الله محمد عكور حول : الترابطُ الجذريُّ بين أهل الكتاب والمجسمة في العقيدة والفكر. خبر الآحاد
وهو الخبر الذي يرويه واحد، ويدخل فيه الحديث الصحيح، وخبر الآحاد يفيد الظن بخلاف المتواتر فإنه يفيد العلم، لأن خبر الآحاد إذا عارض النصوص القطعية من القرآن والسنة المتواترة أو الإجماع أو الأدلة العقلية المبنية على أصول الكتاب والسنة، فإنه لا يحتج به، لوجود ما هو أقوى منه. ولما كانت العقيدة أشرف العلوم الشرعية لأنها تتعلق بذات الله تعالى، وأن مصير العباد متوقف على صحة عقائدهم، إن صحت قَبِل الله ما عداها من الأعمال وترتبت عليها السعادة الأبدية، وإن فسدت فسد سائر العمل وترتب عليها الشقاء الأبدي، وجب أن تُبنى على أصل صحيح،
قال الإمام الغزالي: القسم الثاني من هذا الأصل: في أخبار الآحاد، وفيه أبواب: الباب الأول: في إثبات التعبد به مع قصوره عن إفادة العلم، وفيه أربع مسائل: مسألة: اعلم أنا نريد بخبر الواحد في هذا المقام مالا ينتهي من الأخبار إلى حد التواتر المفيد للعلم، فما نقله جماعة من خمسة أو ستة مثلاً فهو خبر الواحد، وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم مما علم صحته فلا يسمى خبر الواحد. وإذا عرفتَ هذا فنقول: خبر الواحد لا يفيد العلم، وهو معلوم بالضرورة فإنا لا نصدق بكل ما نسمع، ولو صدقنا وقدرنا تعارض خبرين فكيف نصدق بالضدين؟ وما حكي عن المحدثين من أن ذلك يوجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل، إذ يسمى الظن علماً، ولهذا قال بعضهم: يورث العلم الظاهر، والعلم ليس له ظاهر وباطن وإنما هو الظن. -التمهيد 7-
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: "الأصل القرآن والسنة وقياس عليهما، والإجماع أكبر من الحديث المنفرد.-المستصفى 175- قلت: وفي هذا رد على من زعم أن إجماع العلماء ليس حجة، لأن الإجماع يفيد العلم والحديث المنفرد يفيد الظن.
قال الإمام النووي: "وأما خبر الواحد فهو ما لم يوجد فيه شرط المتواتر سواء كان الراوي له واحداً أو أكثر، واختلف في حكمه، فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمَن بعدَهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم".) أورده البيهقي في مناقب الشافعي ص30.
قلت: الاستدلال بخبر الآحاد يوجب الظن، والظن لا تُبنى عليه أصول العقيدة لأنه يحتمل الترجيح أو تقول: هو إفادة احتمالين أو ترجيح أحدهما، إذاً كيف يجوز الاستدلال بالاحتمال في الأصول؟؟ ومن أهم الأصول هو وجود الله تعالى، فإذا أخذنا بالظن في هذا مثلاً فإنه يفيد احتمالين أي أن الله تعالى موجود أم غير موجود، أو أن الله واحد أو متعدد وهكذا، وقد جاءت عدة آيات محكمة تفيد وجوب اليقين والعلم القطعي في مجال العقيدة وتجوّز خبر الآحاد في غيرها فمن ذلك: قوله تعالى: إِنْ هِيَ إِلاّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (النجم:23) وقوله تعالى: إنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأنثى * وَمَا لَهُمْ بِــهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاّ الظَّنَّ وَإِنّ َ الظَّنّ َ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (النجم 27:28) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاّ ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (يونس:36). أَلا إِنَّ لِلَّه ِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاء َإِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ (يونس:66). قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكـُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (يونـس:68). وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاّ ظَنَّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (الجاثـية:32) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُون * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِيـنَ (فصلـت 22، 23). وَأَنَّهُمْ ظَنُّـوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (الجـن:7). وغيرها من الآيات المحكمة فهي صريحة في ذم من يتبع الظن أي بغير دليل قاطع في العقائد، وذمهم والتنديد بهم دليل النهي الجازم عن اتباع الظن، وعلى النهي الجازم عن اتباع ما لم يقم عليه الدليل القاطع في العقائد، وترتيب الخسارة الأبدية والخلود في النار لمن فعل هذا. وهذه الآيات وردت في مجال العقيدة لا مجال العبادات والأحكام الفقهية، فالآية الشريفة إنْ هيَ إلا أسماءٌ سمّيتموها وردت في العقيدة، فقد كانوا يقولون: إن الملائكة وهذه الأصنام هي بنات الله، وكانوا يعبدونها زاعمين أنها تقربهم زلفى إلى الله، والآية الشريفة: أَفرأيتُمُ اللاتَ والعُزّى * وَمنَاةَ الثالثةَ الأُخرى * ألكُمُ الذكرُ ولَهُ الأنثى * تلكَ إذاً قِسمةٌ ضيزى * إن هيَ إلا أسماءٌ سَمّيتُموها وردت في مجال العقيدة. لكن وردت آيات أخرى تفيد جواز الأخذ بخبر الآحاد في مجال الأعمال من عبادات ومعاملات وأحوال شخصيه فمن ذلك: قوله تعالى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى (البقرة: من الآية282)، وهذان الشاهدان ليشهدا عند اللزوم أمام القاضي أن زيداً استدان مبلغا من عمرو، فاكتفى الله منا في هذا المجال بخبـر الآحـاد وقولـه: فإذا دَفَعتُم إليهِم أموالهَم فأشهِدوا عليهم (النساء 6) وردت في أموال اليتامى إذا ردها الأولياء إلى أصحابها بعد بلوغهم فليتخذوا على ذلك شهداء، ولم يقيد القرآن ذلك بالعدد، لذا يُكتفى بالشاهد الواحد والاثنين وأكثر، وهؤلاء هم خبر الآحاد. جعل الله نصاب الشهود في حادثة الزنا أربعة كلهم يشهدون بنفس الشهادة حتى يوجب الحد على الزاني، والذي يقذف زوجته بالزنا ولم يتوفر شهود فيحلف أربـعـة أيمـان فكـل يمـيـن قـام مـقـام شـاهــد، وهـؤلاء هـم خـبـر الواحـد قـال تعـالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاء * إِلاّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَة * أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (النور:6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (الحجرات:6) فقوله تعالى فتبينوا أي تثبتوا من حقيقة قوله، واطلبوا بيان الأمر، واقطعوا الظن بالعلم، فلما كان قوله قد يترتب عليه الظلم أو الفتنة وجب طلب الحقيقة بالقرائن والشهود، ويكفي فيه الشاهد أو الشاهدان وهو خبر آحاد.
حديث الجارية وهو حديث مشهور رواه الإمام مسلم في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي وفيه قال: وكانت لي جارية ترعى غنماً لي قِبَلَ أُحُد والجوانية، فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، ولكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك عليّ، قلت: يارسول الله أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها فأتيته بها، فقال لها: أين الله؟ قالت في السماء قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة) صحيح مسلم ص 381, قلت هذا الحديث لا يُحتج به في أمور العقيدة لعدة أمور: الأول: لأنه خبر آحاد وقد تكلمنا عن ذلك بما فيه الكفاية. الثاني: إن هذا الحديث جاء من هذه الرواية بلفظ (أين الله) ومعلوم أن أين هو سؤال عن مكان والله تعالى منـزه عن المكان والزمان إذ أن أين من لوازم الأجسام الحادثة، لذا فهو معارض لما هو أقوى منه، وهو النصوص قطعية الدلالة والثبوت في القرآن، وهذا النوع من الأحاديث يسمى شاذاً وهو من أقسام الضعيف، وإن ورد في الصحيح وهذا مقرر في علم الحديث. الثالث: وجود الاضطراب في متن الحديث إذ نص على ذلك غير واحد من الحفاظ مثل: الحافظ البيهقي في الأسماء والصفات ص 422 حيث قال: وهذا صحيح قد أخرجه مسلم دون قصة الجارية. الحافظ البزار في كشف الأستار 14:1 حيث قال: وهذا قد روي بألفاظ مختلفة. الحافظ ابن حجر في التلخيص 223:3حيث قال: وفي اللفظ مخالفة كثيرة. الإمام الكوثري في تعليقاته على الأسماء والصفات ص :422: قد فعلت الرواية بالمعنى ما تراه من الاضطراب، ومعلوم أن الاضطراب في الحديث ينـزل به إلى رتبة الضعيف وإن كان في الصحيح، لذلك لا يحتج بهذا الحديث لضعفه بسبب الشذوذ والاضطراب في المتن، والدليل إذا داخله الاحتمال سقط به الاستدلال. من هنا قلنا أنه لا يجوز الاحتجاج بخبر الآحاد في العقائد لتطرق احتماله، فربما قاله النبي وربما لم يقله، وربما تصرف الرواة في اللفظ المفضي إلى تغير المعنى، وربما وربما ... ومثل هذه الأخبار الظنية كيف تبنى عليه أصول يقينية؟؟ | |
|