الإمام الرباني
الـــمـــوطـــن : سورية عدد المساهمات : 173 نقاط : 517
| موضوع: أسطورة حجية الآحاد في قضايا الاعتقاد 2 الإثنين 17 ديسمبر 2012, 5:06 am | |
| ومن البديهي أن نرى الفرق المنحرفة يتبعون الظن ابتغاء الفتنة والمكابرة فيذيعون شبهات بين العوام بأن خبر الآحاد حجة في الاعتقاد ،ويجمعون لذلك جملة من الشبهات ،منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرسل آحاد الصحابة إلى الأمصار لتبليغ الدعوة
الرد على هذه الشبهة :
1- إن العقيدة تبنى على المتواتر وهذه - قبل كل شيء - قاعدة علمية بدهية دلّ عليها واقع الصحابة ،واتفقت عليها كافة الفرق ،وأول من صاح بشبهة إرسال النبي لآحاد الصحابة ليعلموا الناس العقيدة هو رجل من المعتزلة اسمه عبيد الله بن الحسن العنبري ،وتبعه في هذا الروافض والمجسمة والمشبهة لتمرير معتقداتهم
2- ليس صحيحاً أن النبي كان يبعث آحاد الصحابة لتبليغ الدعوة وإنما كان يبعث جماعة من الصحابة بقيادة أحدهم ... ذكر ذلك الإمام الطبري في تاريخه ج2 ص247
ومثال ذلك إرسال النبي لأكثر من سبعين رجلاً من قراء حادثة بئر معونة الذين غدر بهم وهم يزيدون عن حد التواتر ... ذكر ذلك الإمام البخاري في صحيحه ج7 ص385
3- أصل الدعوة التي كانت تصل إلى البلدان والنواحي هي القضايا الأصلية كوجود الله عز وجل ووحدانيته وإثبات المعاد والجنة والنار، وهذا القدر ثابت في القرآن الكريم، وليس محتاجاً إلى أخبار الآحاد
4- ليس بين أيدينا ما يدل على تبليغهم شيئاً من أحاديث العقائد
5- إذا قام دليل على إفادة خبر الصحابي العلم فلا يلزم منه إفادة خبر غيرهم، لأن شرف الصحبة خصهم بأحكام ليست لغيرهم ،وإذا قام الدليل على استفادة أهل القبائل العلم من أخبار المبعوثين إليهم، فلا يدل ذلك على إفادة خبر غيرهم لأن طبقة الصحابة اختصت ببعض الأحكام الحديثية دون غيرها من الطبقات ،من ذلك القطع بعدالتهم وتوثيقهم من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فلا يخطر ببال متشكك أن يتوقف في خبره برهة ليعتبر عدالته وضبطه، أما الراوي فلا بد من اعتبار عدالته وضبطه، وهذا مدلول الفارق بين نقل المرسَل ورواية الراوي قواعد التحديث للإمام القاسمي ص200
6- ذكر القاضي عضد الدين الإيجي رحمه الله في المواقف أن من يؤمن بالله بناء على خبر آحاد مظنون وصل إليه لا يقيم إيمانه على ذلك الدليل وحده بل يقيم على مجموعة أدلة عقلية بدهية تورثه اليقين فلم يكن الخبر سوى منبهاً لهذه الأدلة
وقد توسع أمير الحديث في قضية احتفاء خبر الآحاد بالقرائن المورثة لليقين نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر 207 - دار ابن حزم
ومحال أن يقيم العاقل في قلبه عقيدة جازمة على مجرد خبر ظني عن أمر لم يلمسه ولم يشاهده ولم يتنبه إلى أي دليل يقيني عليه
7- ثم أن قبول أهل البلاد الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إليهم للإسلام لم يكن من باب قبول لأن من دعا الأقوام إلى الإسلام ناقشهم وجادلهم وأقام عليهم الحجة بالعقل فلم يستند إلى مجرد بلاغ قول النبي صلى الله عليه وسلم كون الأقوام كفار ولم يشهدوا المعجزات حتى تقوم عليهم الحجة بخبر الله أو النبي متواتراً كان أم آحاداً
يقول حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رحمه الله : (هؤلاء الرسل لم يكونوا ليبلغوا شيئاً من أمور العقيدة عن رسول الله حتى يتصور الناس صدق الرسول فيما أخبر وبلغ وإلا فما الذي يحملهم على تصديقه وهم لم يصدقوا الرسالة بعد ،إذ كيف يقول الصحابي "قد أوجب عليكم نبي الله تصديقي" وهم لم يعرفوا بعد رسالته ؟)
أما بعد التصديق به ومبايعته فيمكن الإصغاء إلى رسله بإيجابه الإصغاء إليهم بعد ذلك
ولذلك مضى الصحابة في جدالهم بالحكمة والموعظة الحسنة أدى لقبولهم الإسلام معترفين بنبوته صلى الله عليه وسلم ثم عملوا بخبر الواحد في أمر الفروع. وباستقراء بعوث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل البلاد، نجد أنه صلى الله عليه وسلم كان يخاطب رؤساءهم وكبارهم، ولم يكن يتوجه بالخطاب إلى العوام توجهاً مقصوداً في تلك المرحلة من الدعوة. وكل رسائله إليهم تعتمد على نص مكتوب وليس رسالة شفهية إلى هذا الملك أو ذاك. وقد تواتر إلى علم هؤلاء الملوك خبر دعوة الإسلام وسمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم سماعاً موجباً للعلم بادعائه النبوة لا يمكن إدخاله في باب الظنون.
... يتبع ... | |
|