هذه بعض النصوص من كلام ابن تيمية وأتباعه من المجسمة، تظهر بشكل واضح أن القوم لا يميزون بين الصفات والأبعاض في حق الله تعالى عن كل نقص:
يقول ابن تيمية (بيان تلبيس الجهمية 1/92): ((فإذا كان هذا قوله فمعلوم أن هذا القول الذي حكاه هو قول من يثبت هذه بالمعنى الذي سماه هو أجزاءً وأبعاضاً فتكون هذه صفاتٍ قائمةٌ بنفسها كما هي قائمة بنفسها في الشاهد، كما أن العلم والقدرة قائم بغيره في الغائب والشاهد. لكن لا تقبل التفريق والانفصال كما أن علمه وقدرته لا تقبل الزوال عن ذاته وإن كان المخلوق يمكن مفارقة ما هو قائم به وما هو منه يمكن مفارقة بعض ذلك بعضاً فجواز ذلك على المخلوق لا يقتضي جوازه على الخالق. وقد عُلم أن الخالقَ ليس مماثلاً للمخلوق وأن هذه الصفاتِ وإن كانت أعياناً فليست لحماً ولا عصباً ولا دماً ولا نحو ذلك ولا هي من جنس شيء من المخلوقات..)).
الكلام السابق لابن تيمية كان رداً على ما حكاه الإمام الرازي من أن الحنابلة التزموا الاجزاء والأبعاض.
ولاحظ كيف عد ابن تيمية الصفات أعياناً قائمة بنفسها في الغائب كما هي في الشاهد، وهي عنده لا تقبل التفريق والانفصال عن الذات، فكان كلامه تأكيداً لما حكاه الرازي عن الحنابلة.
وهذا الخلط بين الصفات والأبعاض انتقل إلى المعاصرين من المجسمة:
يقول ابن عثيمين (تقريب التدمرية ضمن مجموع فتاويه 4/201): (((لا يصح في ضابط الإثبات الاعتماد على مجرد الإثبات بلا تشبيه، لأنه لو صح ذلك لجاز أن يُثبت المفتري لله أعضاء كثيرةً مع نفي التشبيه فيقول إن لله كبداً لا كأكباد العباد وأمعاءً لا كأمعائهم ونحو ذلك مما يتنزه الله تعالى عنه كما أن له وجهاً لا كوجوههم )).
فلاحظ أنه في بداية الكلام كان يتحدث عن ضابط الإثبات، ومعلوم أن الإثبات إنما يكون للصفات، ثم إذا به يذكر الأعضاء والكبد والأمعاء وأنه لا يجوز إثباتها!!!
فلا فرق إذن عنده بين الصفات والأبعاض!!
ويقول في المحاضرات السنية: ((لا يجوز أن نصف الله بأن له بعضاً أو جزءاً لأن هذا ما جاء في القرآن، نقول بأن له يداً يقبض بهما ويبسطهما وأن له قدماً يضعه على جهنم.. وعيناً يبصر بها)).
ويقول في المصدر السابق (1/87):
((..لانقول إنها أجزاء وأبعاض بل نتحاشا هذا اللفظ لكن مسماها لنا أجزاء وأبعاض لأن الجزء والبعض ما جاز انفصاله عن الكل فالرب لا يتصور أن شيئاً من هذه الصفات كاليد أن تزول أبداً لأنه موصوف بها أزلاً وأبداً ولهذا لا نقول إنها أجزاء وأبعاض)).
وهذا إقرار واضح من ابن عثيمين بأن الله مركب من أجزاء وأبعاض، ومنع ابن عثيمين من إطلاق لفظ الأجزاء والأبعاض إنما هو بسبب أنها يجوز انفصالها عن الذات، وليس لأن الرب جل جلاله منزه عن التركيب!!!
ولا أدري ما يفعل هؤلاء الذين يعتقدون بأن الله مركب من أجزاء، لا أدري ما يفعلون بقول الله تعالى: ((كل شيء هالك إلا وجهه))
فهل ستهلك عيناه؟ وهل ستهلك ساقه؟ وهل ستهلك يداه؟ وهل وهل ... ؟؟!!!
تعالى الله عن ما يقولون علواً كبيراً.
وصدق الله القائل: ((وما قدروا الله حق قدره))