الإمام الرباني
الـــمـــوطـــن : سورية عدد المساهمات : 173 نقاط : 517
| موضوع: أسطورة حجية الآحاد في قضايا الاعتقاد 5 الإثنين 17 ديسمبر 2012, 5:42 am | |
| عن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله
نسب ابن تيمية رحمه الله للإمام أحمد هذا الرأي فقال : جاء في رسالة بعثها الإمام أحمد إلى مسدد بن مسرهد : (...ونشهد للعشرة أنهم في الجنة...) مناقب أحمد لابن الجوزي ص169
فقال ابن تيمية رحمه الله : (يشهد الإمام أحمد للعشرة بالجنة والخبر فيه خبر واحد.. وهو يقتضي أنه يفيد العلم) المسودة ص242
ونصر رأيه ابن القيم رحمه الله مختصر الصواعق ج2 ص474
وكذا فعل القاضي أبي يعلى رحمه الله حيث قال: (جاء في رواية حنبل بن إسحاق أن الإمام أحمد قال في أحاديث الرؤية نؤمن بها ونعلم أنها حق ...... فقطع على العلم بها، وذهب إلى ظاهر هذا الكلام جماعة من أصحابنا، وقالوا: خبر الواحد إن كان شرعياً أوجب العلم، وهذا عندي محمول على وجه صحيح من كلام أحمد رحمه الله) العدة في أصول الفقه ص251
قلت :ناقض ابن تيمية نفسه فقال : (ومما قد يسمى صحيحاً ما يصححه بعض علماء الحديث وآخرون يخالفونهم في تصحيحه ،فيقولون هو ضعيف ليس بصحيح ،مثل ألفاظ رواها مسلم في صحيحه ونازعه في صحتها غيره من أهل العلم إمام مثله أو دونه أو فوقه ،فهذا لا يجزم بصدقه إلا بدليل ...) ثم عرض أمثلة من صحيح مسلم مجموع الفتاوى ج18 ص17 وما بعد
كما أنه رد أكثر من رواية في صحيح مسلم مجموع الفتاوى ج1 ص256 - ج17 ص236 قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص86 الجواب الصحيح ج2 ص445 وما بعد
وما نقله القاضي أبي يعلى ليس بحجة عند ابن القيم كون حنبل بن إسحاق مطعون بروايته عنده إبان نقله عن الإمام أحمد تأويلات لنصوص الصفات مخالفة لمنهجه
يقول ابن القيم معرضاً عن حنبل : (وهو كثير المفاريد المخالفة للمشهور من مذهبه ،وإذا تفرد بما يخالف المشهور عنه فالخلال وصاحبه عبد العزيز لا يثبتون ذلك رواية) مختصر الصواعق المرسلة ج2 ص260
قلت :فما الذي يثبت لنا أن هذه الرواية ليست من المفاريد !! والخلال ينقل عن حنبل ويوثقه علاوة على أن التفرد ليس جرحاً .. فتأمل !!
والقاضي أبي يعلى قد نقل تصريحاً للإمام أحمد يخالف ما ذكره ،حيث يقول : (رأيت في كتاب معاني الحديثَ جمع أبي بكر الأثرم عن الإمام أحمد أنه قال:... إذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح فيه حكم أو فرض عملت بالحكم والفرض، ودِنتُ الله تعالى به، ولا أشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك...) العدة في أصول الفقه
إلا أن ابن القيم لم يرض بهذا الكلام حيث يقول : (وأما رواية الأثرم عن الإمام... فهذه رواية انفرد بها الأثرم، وليست في مسائله... وإنما حكى القاضي أنه وجدها في كتاب معاني الحديث، والأثرم لم يذكر أنه سمع ذلك منه، بل لعله بلغه عنه من واهم وهم عليه في لفظه...) مختصر الصواعق المرسلة ج2 ص474
قلت :وابن القيم يتذرع بالتفرد كلما خالف الأثر منهجه فمرة يرفض رواية حنبل كما أسلف والآن يرفض رواية الأثرم ،ويتحصل لدينا أن ابن القيم هو من يتفرد برفض الروايات
والحقيقة أنه لا يضر رفض ابن القيم كون احتمالاته ضعيفة خاصة أنه تناقض مع نفسه ورد رواية صحيحة عند مسلم حيث قال : (ويشبه هذا ما وقع فيه الغلط في حديث أبي هريرة (خلق الله التربة يوم السبت...) ؛ وهو في صحيح مسلم لكن وقع الغلط فيه ،وإنما هو من قول كعب الأحبار كذلك قال إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير وقاله غيره من علماء المسلمين أيضاً ،وهو كما قالوا ؛ لأن الله أخبر أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وهذا الحديث يتضمن أن مدة التخليق سبعة أيام والله أعلم) نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول ص78 - فصل غلط وقع في صحيح مسلم
وقد رد ابن القيم أكثر من رواية في صحيح مسلم جلاء الأفهام ص132 وما بعد زاد المعاد ج1 ص452 وما بعد
وقد اعتمد رواية الأثرم كبار الأصوليين من الحنابلة، وصرحوا بأن خبر الآحاد لا يفيد بنفسه العلم، ومنهم أبو الخطاب وابن برهان رحمهما الله التمهيد ج3 ص58 الوصول إلى الأصول ج2 ص172 - 174
قال أبو الخطاب الحنبلي : (خبر الواحد لا يقتضي العلم. قال – أي أحمد – في رواية الأثرم :"إذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح فيه حكم أو فرض عملت به ودنت الله تعالى به ،ولا أشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك" فقد نص على أنه لا يقطع به ،وبه قال جمهور العلماء) التمهيد ج3 ص78
وقد استبعد غير واحد من العلماء نسبة رأي ابن القيم إلى الإمام أحمد. فيقول شارح المسلَّم رحمه الله بعد ذكر النسبة إليه: (... وهذا بعيد عن مثله فإنه مكابرة ظاهرة) فواتح الرحموت للإمام الأنصاري ج2 ص121
وينفي الإمام ابن بدران رحمه الله صحة نسبة القول بإفادة خبر الآحاد بنفسه العلم إلى الإمام أحمد، ويذكر أنها مخرَّجة على كلامه وليست من صريح كلامه، فيقول الإمام ابن بدران الحنبلي رحمه الله : (... وكيف يليق بمثل إمام السنة أن يدعي هذه الدعوى ؟ وفي أي كتاب رويت عنه روايةً صحيحة ؟) نزهة الخاطر العاطر للإمام ابن بدران الحنبلي ج1 ص260 وما بعد
قلت :وغاية ما تدل عليه عبارات الإمام أحمد التي خُرَّج عليها هذا القول أن الإمام جزم بمضمون الأخبار الواردة في رؤية المؤمنين لربهم عز وجل وبمضمون الخبر الوارد في تبشير العشرة بالجنة. ولا يلزم من ذلك أنه يجزم بمضمون كل خبر آحادي ، كما لا نسلم أن إثبات رؤية الله عز وجل تستلزم القول بإفادة خبر الآحاد بنفسه العلم، لأن الرؤية ثابتة في أخبار كثيرة وهي زيادة على ذلك موافقة لأصل في كتاب الله عز وجل ،ولا نسلم أن الشهادة للعشرة المبشرة بالجنة مستفادة من خبر المخبر فقط، بل يدل عليه أيضاً انتشار القول به وإمساك الصحابة الكرام عن تكذيبه، فيحمل سكوتهم على الإقرار والشهادة به
قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله في مقدمة جامع الأصول : ( وخبر الواحد لا يفيد العلم ، ولكنا متعبدون به ، وما حكى عن المحدثين من أن ذلك يورث العلم ؛ فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل ، وأسموا الظن علما ؛ ولهذا قال بعضهم : يورث العلم الظاهر ، والعلم ليس له ظاهر وباطن ؛ وإنما هو الظن ...)
ويقول إمام الحرمين رحمه الله : (ذهبت الحشوية من الحنابلة وكتبة الحديث إلى أن خبر الواحد العدل يوجب العلم ،وهذا خزي لا يخفى مدركه على ذي لب ،فنقول لهؤلاء :أتجوزون أن يزل العدل الذي وصفتموه ويخطىء؟ فإن قالوا لا ؛ كان بهتاً وهتكاً وخرقاً لحجاب الهيبة ولا حاجة إلى مزيد البيان فيه) البرهان في أصول الدين لإمام الحرمين ج1 ص606
راجع أيضاً الفصول في الأصول للإمام الجصاص ج3 ص53 و 93 أصول الفقه للإمام السرخسي ص313 و 329 البلبل في أصول الفقه للإمام الطوفي الحنبلي ج2 ص103 كشف الخفاء للإمام العجلوني ج1 ص9 وما بعد إرشاد الفحول للإمام الشوكاني ص46 - ص55
وأكد كثير من أئمة الحنابلة أن خبر الآحاد لا يحتج به في الاعتقاد
قال الإمام السفاريني الحنبلي رحمه الله : (وأما تعريفه - يعني علم التوحيد - فهو العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية أي العلم بالقواعد الشرعية الاعتقادية ، والمكتسب من أدلتها اليقينية ، والمراد بالدينية المنسوبة إلى دين محمد صلى الله عليه وسلم من السمعيات ، وغيرها ، سواء كانت من الدين في الواقع ككلام أهل الحق ، أو لا ككلام أهل البدع ، واعتبروا في أدلتها اليقين لعدم الاعتقاد بالظن في الاعتقاديات ) لوائح الأنوار السنية ج1 ص133 لوامع الأنوار ج1 ص5
قال الإمام ابن قدامة الحنبلي رحمه الله : ( القسم الثاني : أخبار الآحاد ، وهي ماعدا المتواتر ، اختلفت الرواية عن إمامنا في حصول العلم بخبر الواحد ، فروي أنه لا يحصل به ، وهو قول الأكثرين ، والمتأخرين من أصحابنا ، لأنا نعلم ضرورة أنا لا نصدق كل خبر نسمعه ، ولو كان مفيدا للعلم لما صح ورود خبرين متعارضين ، لاستحالة اجتماع الضدين ، ولجاز نسخ القرآن والأخبار المتواترة به ، لكونه بمنزلتهما في إفادة العلم ،ولوجب الحكم بالشاهد الواحد ولاستوى في ذلك العدل والفاسق كما في التواتر ). روضة الناظر ج1 ص260
وقد ثبت عن الإمام أحمد ما يخالف رأي ابن القيم
فقد روى الإمام أحمد في مسنده من طريق بي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (يهلك أمتي هذا الحي من قريش، قالوا :فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم) قال عبد الله بن أحمد وقال أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على هذا الحديث فإنه خلاف الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم) مسند الإمام أحمد ج2 ص301 - رقم 8011 صحيح البخاري رقم 3604 صحيح مسلم 74 - 2917
وقد ضعف الإمام أحمد حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم برقم 50 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا تفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)
قال الإمام أحمد : (هذا الحديث غير محفوظ) وقال ابن الصلاح : (هذا الحديث أنكره أحمد بن حنبل) شرح النووي على صحيح مسلم ج2 ص28
وقال الإمام أحمد عند حديث (يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب) الذي رواه مسلم 266 "511" وغيره : (الذي لا أشك فيه أن الكلب الأسود يقطع الصلاة وفي نفسي من الحمار والمرأة شيء) سنن الترمذي ج2 ص163 فتح الباري ج1 ص774 وما بعد
... والحمد لله رب العالمين ... | |
|